النقطة البيضاء
الدقيقة الأشد ظلمة هي التي تسبق الشروقَ بلحظة”
نحن تحت وطأة الأقدار، و تحت تصرف الخالق العظيم، تسير بنا حياتنا كما هو مكتوب لنا، و ليس لنا حولٌ و لا قوةٌ في التصرف بشيءٍ من حياتنا، مما ليس بأيدينا، على قانون ” ليس لك من الأمر شيءٌ”. تأتي الأقدار بما يسرُّ وما يسوء، و بما يُفرح وما يُحزن، و بما يُسعد و يُشقي، و تأتي بالضيقِ و السَّعة، و بكل المتناقضات.تختلف مواقفنا تجاه هذه المتناقضات اختلافاً كبيراً، فمنا من يُسلِّم و يستسلم، و منَّا من يُعارض و يشجب و يُنكر، و الحاصل الأخير جُهد ضائع، الرابح من أراح نفسه من أمرٍ ليس بيده، و هو الذي سلَّم للأقدار، و لكن الأربح هو من لم يستسلم لها بل كافحَ و سعى لتحقيق حياته.حينما تصيبنا الأحداث السيئة، و التي تسلبنا البسمة و الراحة، و تقضُّ مضاجعنا بشدتها و كربها حتما يكون الجوُّ ليس مناسباً لأي أملٍ، لأن المحيطَ كلَّه باعثُ يأسٍ و بؤسٍ، هكذا يُخيَّلُ إلينا، تلك الأحداث أشبه ما تكون بحائط كبيرٍ أسود، كالح السواد، لا يُمكن أن يُرى فيه شيء.هذه هي الأحداث تكون بهذه الصورة، حينما نكون من النوع الأربح، و الذي لا يستسلم حين يُسلِّم، فإننا نزرعُ في هذا الحائط الأسود نُقطة بيضاءَ من الأمل، لا تعني شيئاً بالنسبة للحائد الأسود الضخم، لكنها ستعني شيئاً في أنفسنا حين ننظرُ إلى و كأنها تتسع و تتسع شيئاً فشيئا، حتما ستكون أعيننا الباطنة ناظرة إليها ببهجةٍ تنطبع على مشاعرنا، فيتغيرُ تعاملنا. فنكون نرى في شدةِ الضيقِ فُرجةً من أملٍ. ووميضاً من نورِ فألٍ. فمهما اسودَّتْ الأحوال، فإنَّ انبثاقة الفجرِ الصادق لا تكون إلا عند شدة السواد.